فلما سمع النمر هذا من كلامهما قفل راجعاً، فدخل على أم الأسد؛ فأخذ عليها العهود ومواثيق أن لا تفشي ما يسر إليها، فعاهدته على ذلك فأخبرها بما سمع من كلام كليلة ودمنة. فلما أصبحت دخلت على الأسد، فوجدته كئيباً حزيناً مهموماً: لما ورد عليه من قتل شتربة. فقالت له: ما هذا الهم الذي قد أخذ منك، وغلب عليك؟ قال: يحزنني قتل شتربة؛ إذ تذكرت صحبته ومواظبته على خدمتي، وما كنت أسمع من مناصحته. قالت أم الأسد: إن أشد ما شهد امرؤٌ بلا علم ولا يقين؟ ولولا ما قالت العلماء في إذاعة الأسرار وما فيها من الإثم والشنار ، لذكرت لك ولأخبرتك بما علمت. قال الأسد: إن أقوال العلماء لها وجوهٌ كثيرةٌ، ومعانٍ مختلفةٌ. وإني لأعلم صواب ما تقولين: وإن كان عندك رأي فلا تطويه عني؛ وإن كان قد أسر إليك أحدٌ سراً فأخبريني به، وأطلعيني عليه، وعلى جملة الأمر.