وجاء شتربة، فدخل على الأسد، فرآه مقعياً كما وصفه له دمنة، فقال: ما صاحب السلطان إلا كصاحب الحية التي في مبيته ومقيله، فلا يدري متى تهيج به. ثم إن الأسد نظر إلى الثور فرأى الدلالات التي ذكرها له دمنة: فلم يشك أنه جاء لقتاله. فواثبه، ونشأ بينهما الحرب، واشتد قتال الثور والأسد، وطال، وسالت بينهما الدماء. فلما رأى كليلة أن الأسد قد بلغ منه ما قد بلغ. قال لدمنة: أيها الفسل ما أنكر جهلتك وأسوأ عاقبتك في تدبيرك! قال دمنة: وما ذاك؟ قال كليلة: جرح الأسد وهلك الثور. وإن أخرق الخرق من حمل صاحبه على سوء الخلق والمبارزة والقتال، وهو يجد إلى غير ذلك سبيلاً. وإن العاقل يدبر الأشياء ويقيسها قبل مباشرتها: فما رجا أن يتم له منها أقدم عليه، وما خاف أن يتعذر عليه منها انحرف عنه، ولم يلتفت إليه. وإني لأخاف عليك عاقبة بغيك هذا: فإنك قد أحسنت القول ولم تحسن العمل.