قال الملك: إن العاقل الكريم لا يترك إلفه، ولا يقطع إخوانه ولا يضيع الحفاظ، وإن هو خاف على نفسه، حتى إن هذا الخلق يكون قي أوضع الدواب منزلة: فقد علمت أن اللعابين يلعبون بالكلاب، ثم يذبحونها ويأكلونها. ويرى الكلب الذي قد ألفهم ذلك، فلا يدعوه إلى مفارقتهم، ولا يمنعه من إلفته إياهم. قال فنزة: إن الأحقاد مخوفة حيثما كانت. فأخوفها وأشدها ما كان في أنفس الملوك: فإن الملوك يدينون بالانتقام، ويرون الدرك والطلب بالوتر مكرمة وفخراً. وإن العاقل لا يغتر بسكون الحقد إذا سكن فإنما مثل الحقد في القلب، إذا لم يجد محركاً، مثل الجمر المكنون، ما لم سجد حطباً، فليس ينفك القد متطلعاً إلى العلل، كما تبتغي النار الحطب فإذا وج علة استعر استعار النار، فلا يطفئه حسن كلام، ولا لين ولا رفق ولا خضوع ولا تضرع ولا مصانعة، ولا شيء دون تلف الأنفس.