فلما قضت أم الأسد هذا الكلام، استدعى أصحابه وجنده فأدخلوا عليه. ثم أمر أن يؤتى بدمنة. فلما وقف بين يدي الأسد، ورأى ما هو عليه من الحزن والكآبة، التفت إلى بعض الحاضرين فقال: مالذي حدث؟ وما الذي أحزن الملك؟ فالتفتت أم الأسد إليه وقالت: قد أحزن الملك بقاؤك ولو طرفة عين؛ ولن يدعك بعد اليوم حياً! قال دمنة: ما ترك الأول للآخر شيئاً: لأنه يقال: أشد الناس في توقي الشر، يصيبه الشر قبل المستسلم له. فلا يكونن الملك وخاصته وجنوده المثل السوء؛ وقد علمت أنه قد قيل: من صحب الأشرار، وهو يعلم حالهم، كان أذاه من نفسه: ولذلك انقطعت النساك بأنفسها عن الخلق، واختارت الوحدة على المخالطة، وحب العمل لله على حب الدنيا وأهلها. ومن يجزي بالخير خيراً وبالإحسان إحساناً إلا الله؟ ومن طلب الجزاء على الخير من الناس.