وهو إن قاتلك قاتلك مستعداً؛ وإن فارقك، فارقك فراقاً يليك منه النقص، ويلزمك منه العار. مع أن ذوي الرأي من الملوك لا يعلنون عقوبة من لم يعلن ذنبه؛ ولكن لكل ذنب عندهم عقوبةٌ: فلذنب العلانية عقوبة العلانية، ولذنب السر عقوبة السر. قال الأسد: إن الملك إذا عاقب أحداً عن ظنةٍ ظنها من غير تيقن بجرمه، فنفسه عاقب وإياها ظلم. قال دمنة: أما إذا كان هذا رأي الملك، فلا يدخلن عليك شتربة إلا وأنت مستعدٌ له؛ وإياك أن تصيبك منه غرةٌ أو غفلةٌ: فإني لا أحسب الملك حين يدخل عليه إلا سيعرف أنه قد هم بعظيمةٍ. ومن علامات ذلك أنك ترى لونه متغيراً؛ وترى أوصاله ترعد؛ وتراه ملتفتاً يميناً وشمالاً؛ وتراه يهز قرنيه فعل الذي هم بالنطاح والقتال. قال الأسد: سأكون منه على حذرٍ؛ وإن رأيت منه ما يدل على ما ذكرت علمت أن ما في أمره شكٌ.