فلما رجع الذكر رأى الحب ناقصاً. فقال لها: أليس كنا أجمعنا رأينا على ألا نأكل منه شيئاً؟ فلم أكلته؟ فجعلت تحلف أنها ما أكلت منه شيئاً. وجعلت تعتذر إليه. فلم يصدقها. وجعل ينقرها حتى ماتت. فلما جاءت الأمطار ودخل الشتاء تندى الحب وامتلأ العش كما كان. فلما رأى الذكر ذلك ندم. ثم اضطجع إلى جانب حمامته وقال: ما ينفعني الحب والعيش بعدك إذا طلبتك فلم أجدك، ولم أقدر عليك، وإذا فكرت في أمرك وعلمت أني قد ظلمتك، ولا أقدر على تدارك ما فات. ثم استمر على حزنه فلم يطعم طعاماً ولا شراباً حتى مات إلى جانبها. والعاقل لا يعجل في العذاب والعقوبة، ولا سيما من يخاف الندامة، كما ندم الحمام الذكر. وقد سمعت أيضاً أن رجلاً دخل الجبل وعلى رأسه كارة من العدس فوضع الكارة عن ظهره ليستريح. فنزل قرد من شجرة فأخذ ملء كفه من العدس وصعد إلى الشجرة.