ثم إن دمنة ترك الدخول على الأسد أياماً كثيرةً؛ ثم أتاه على خلوةٍ منه؛ فقال له الأسد: ما حبسك عني؟ منذ زمان لم أرك. ألا لخيرٍ كان انقطاعك؟ قال دمنة: فليكن خيراً أيها الملك. قال الأسد: وهل حدث أمرٌ؟ قال دمنة: حدث ما لم يكن الملك يريده ولا أحد من جنده. قال: وما ذاك؟ قال: كلامٌ فظيعٌ. قال: أخبرني به. قال دمنة إنه كلامٌ يكرهه سامعه، ولا يشجع عليه قائله. وإنك أيها الملك لذو فضيلةٍ، ورأيك يدلك على أن يوجعني أن أقول ما تكره؛ وأثق بك أن تعرف نصحي وإيثاري إياك على نفسي. وإنه ليعرض لي أنك غير مصدقي فيما أخبرك به؛ ولكني إذا تذكرت وتفكرت أن نفوسنا، معاشر الوحوش، متعلقةٌ بك لم أجد بداً من أداء الحق الذي يلزمني وإن أنت لم تسألني وخفت ألا تقبل مني فإنه يقال: من كتم السلطان نصيحته والإخوان رأيه فقد خان نفسه.