قالت: ألا تنظرون إلى هذا الشقي، مع عظم ذنبه، كيف يجعل نفسه بريئاً كمن لا ذنب له؟ قال دمنة: إن الذين يعملون غير أعمالهم ليسوا على شيء؛ كالذي يضع الرماد موضعاً ينبغي أن يضع فيه الرمل؛ ويستعمل فيه السرجين ، والرجل الذي يلبس لباس المرأة، والمرأة التي تلبس لباس الرجل، والضيف الذي يقول: أنا رب البيت، والذي ينطق بين الجماعة بما لا يسأل عنه. وإنما الشقي من لا يعرف الأمور ولا أحوال الناس لا يقدر على دفع الشر عن نفسه، ولا يستطيع ذلك. قالت أم الأسد: أتظن أيها الغادر المحتال بقولك هذا أنك تخدع الملك، ولا يسجنك؟ قال دمنة: الغادر الذي لا يأمن عدوه مكره، وإذا استمكن من عدوه قتله على غير ذنب. قالت أم الأسد: أيها الغادر الكذوب، أتظن أنك ناجٍ من عاقبة كذبك؟ وأن محالك هذا ينفعك مع عظم جرمك؟ قال دمنة: الكذوب إلي يقول ما لم يكن، ويأتي بما لم يقل ولم يفعل، وكلامي واضحٌ مبينٌ.