فأسرع ذلك في نشأتهما وزاد في شبابهما وبان عليهما أثره عند الملك: فازداد لفنزة إكراماً وتعظيماً ومحبة حتى إذا كان يوم من الأيام وفنزة غائب في اجتناء الثمرة وفرخه في حجر الغلام ذرق في حجره فغضب الغلام وأخذ الفرخ فضرب به الأرض فمات. ثم إن فنزة أقبل فوجد فرخه مقتولاً فصاح وحزن وقال: قبحاً للملوك الذين لا عهد لهم ولا وفاء ويل لمن ابتلى بصحبة الملوك الذين لا حمي لهم ولا حرمة ولا يحبون أحد ولا يكرم عليهم إلا إذا طمعوا فيما عنده من غناه واحتاجوا إلى ما عنده من علم: فيكرمونه لذلك فإذا ظفروا بحاجتهم منه فلا ود ولا إخاء ولا إحسان ولا غفران ذنب ولا معرفة حق هم الذين أمرهم مبني على الرياء والفجور. وهم يستصغرون ما يرتكبونه من عظيم الذنوب ويستعظمون اليسير إذا خولفت فيه أهواؤهم. ومنهم هذا الكفور الذي لا رحمة له الغادر بأليفه وأخيه.