ثم وثب في شدة حنقه على وجه الغلام ففقأ عينه، وطار فوقع على شرفة المنزل. ثم إنه بلغ الملك ذلك، فجزع أشد الفزع، ثم طمع أن يحتال له فوقف قريباً منه وناداه وقال له: إنك آمن فنزل يا فنزة. فقال له: أيها الملك إن الغادر مأخوذ بغدره وإنه إن أخطأه عاجل العقوبة لم يخطئه الآجل حتى إنه يدرك الأعقاب وأعقاب الأعقاب وإن ابنك غدر بابني، فعجلت له العقوبة. قال الملك: لعمري قد غدرنا بابنك، فانتقمت منا: فليس لك قبلنا ولا لنا قبلك وتر مطلوب. فارجع إلينا آمناً. قال فنزة: لست براجع إليك أبداً فإن ذوي الرأي قد نهوا عن قرب الموتور فإنه لا يزيدك لطف الحقود ولينه وتكرمه إياك إلا وحشة منه، وسوء ظن به: فإنك لا تجد للحقود الموتور أماناً هو أوثق لك من الذعر منه ولا أجود من البعد عنه ولأحترس منه أولى.