قال ابن آوى: إن الملوك أحقاء باختيار الأعوان فيما يهتمون به من أعمالهم وأمورهم. وهم أحرى ألا يكرهوا على ذلك أحداً: فإن المكره لا يستطيع البالغة في العمل. وإني لعمل السلطان كاره. وليس لي به تجربة ولا بالسلطان رفق. وأنت ملك السباع وعندك من أجناس الوحوش عدد كثير فيهم أهل نبل وقوة ولهم على العمل حرص وعندهم به وبالسلطان رفق: فإن استعملتهم أغنوا عنك واغتبطوا لأنفسهم بما أصابهم من ذلك. قال الأسد: دع عنك هذا: فإني غير معفيك من العمل. قال ابن آوى: إنما يستطيع خدمة السلطان رجلان لست بواحد منهما: إما فاجر مصانع ينال حاجته بفجوره ويسلم بمصانعته وإما مغفل لا يحسده أحد. فن أراد أن يخدم السلطان بالصدق والعفاف فلا يخلط ذلك بمصانعته وحينئذ قل أن يسلم على ذلك: لأنه يجتمع عليه عدو السلطان وصديقه بالعداوة والحسد.