قال دمنة: إن إرادة الأسد بك ليست من تحميل الأشرار ولا سكرة السلطان ولا غير ذلك، ولكنها الغدر والفجور منه: فإن فاجرٌ خوانٌ غدارٌ: لطعامه حلاوةٌ وآخره سمٌ مميتٌ. قال شتربة: فأراني قد استلذذت الحلاوة إذ ذقتها: وقد انتهيت إلى آخرها الذي هو الموت؛ ولولا الحين ما كان مقامي عند الأسد، وهو آكل لحمٍ وأنا آكل عشبٍ فأنا في هذه الورطة كالنحلة التي تجلس على نور النيلوفر إذ تستلذ ريحه وطعمه، فتحبسها تلك اللذة؛ فإذا جاء الليل ينضم عليها، فترتبك فيه وتموت. ومن لم يرض من الدنيا بالكفاف الذي يغنيه وطمحت عينه إلى ما سوى ذلك، ولم يتخوف من عاقبتها، كان كالذباب الذي لا يرضى بالشجرة والرياحين، ولا يقنعه ذلك، حتى يطلب الماء الذي يسيل من أذن الفيل، فيضربه الفيل بآذانه فيهلكه. ومن يبذل وده ونصيحته لمن لا يشكره، فهو كمن يبذر في السباخ.