ثم إن الجرذ أخذ في قرض العقد الذي فيه المطوقة. فقالت له المطوقة: ابدأ بقطع عقد سائر الحمام، وبع ذلك أقبل على عقدي؛ وأعادت ذلك عليه مراراً، وهو لا يلتفت إلى قولها، فلما أكثرت عليه القول وكررت، قال لها: لقد كررت القول عليّ كأنك ليس لك في نفسك حاجة، ولا لك عليها شفقة، ولا ترعين لها حقاً. قالت: إني أخاف، إن أنت بدأت بقطع عقدي أن تمل وتكسل عن قطع ما بقي؛ وعرفت أنك إن بدأت بهن قبلي، وكنت أنا الأخيرة لم ترضَ وإن أدركك الفتور أن أبقى في الشرك قال الجرذ: هذا مما يزيد الرغبة والمودة فيك. ثم إن الجرذ أخذ في قرض الشبكة حتى فرغ منها، فانطلقت المطوقة وحمامها معها. فلما رأى الغراب صنع الجرذ، رغب في مصادقته، فجاء وناداه باسمه، فأخرج الجرذ رأسه، فقال له: ما حاجتك؟ قال: إني أريد مصادقتك.