قال الملك: ألم تعلم أن الضغائن ولأحقاد تكون بين كثير من الناس: فمن كان ذا عقل كان على إماتة الحقد أحرص منه على تربيته. قال فنزة: إن ذلك لكما ذكرت، ولكن ليس ينبغي لذي الرأي مع ذلك أن يظن أن الموتور الحقود ناس ما وتر به، مصروف عنه فكره فيه. وذو الرأي يتخوف المكر والخديعة والحيل ويعلم أن كثيراً من العدو لا يستطاع بالشدة والمكابرة، حتى يصاد بالرفق والملاينة، كما يصاد الفيل الوحشي بالفيل الداجن. قال الملك: إن العاقل الكريم لا يترك إلفه، ولا يقطع إخوانه ولا يضيع الحفاظ، وإن هو خاف على نفسه، حتى إن هذا الخلق يكون قي أوضع الدواب منزلة: فقد علمت أن اللعابين يلعبون بالكلاب، ثم يذبحونها ويأكلونها. ويرى الكلب الذي قد ألفهم ذلك، فلا يدعوه إلى مفارقتهم، ولا يمنعه من إلفته إياهم. قال فنزة: إن الأحقاد مخوفة حيثما كانت.