قال الآخر: لئن وجدنا هذا حقاً فليست بالخيانة فقط، ولكن مع الخيانة كفر النعمة، والجراءة على الملك. قال الآخر: أنتم أهل العدل والفضل، لا أستطيع أن أكذبكم، ولكن سيبين هذا لو أرسل إلى الملك من يفتشه. قال الآخر: إن كان الملك مفتشاً منزله فليعجل: فإن عيونه وجواسيسه مبثوثة بكل مكان. ولم يزالوا في الكلام و أشباهه، حتى وقع في نفس الأسد ذلك، فأمر بابن آوى فحضر فقال له: أين اللحم الذي أمرتك بالاحتفاظ به، قال: دفعته إلى صاحب الطعام ليقربه إلى الملك. فدعا الأسد بصاحب الطعام، وكان ممن وبايع مع القوم على ابن آوى. فقال: ما دفع إلى شيئاً. فأرسل الأسد أميناً إلى بيت ابن آوى ليفتشه، فوجد فيه ذلك اللحم، فأتى به الأسد. فدنا من الأسد ذئب لم يكن تكلم في شيء من ذلك. وكان يظهر أنه من العدول الذين لا يتكلمون فيما لا يعلمون، حتى يتبين لهم الحق.