وكانوا جميعاً محتاجين، وقد أصابهم ضرر وجهد شديد في موضع غربة لا يملكون إلا ما عليهم من الثياب. فبينما هم يمشون إذ فكروا في أمرهم وكان كل إنسان منهم راجعاً إلى طباعه وما كان يأتيه منه الخير: قال ابن الملك: إنما أمر الدنيا كله بالقضاء والقدر، والذي قدر على الإنسان يأتيه على كل حال، والصبر للقضاء والقدر وانتظارهما أفضل الأمور وقال ابن التاجر: العقل أفضل من كل شيء وقال ابن الشريف: الجمال أفضل مما ذكرتم. ثم قال ابن الأكار: ليس في الدنيا أفضل من الاجتهاد في العمل فلما قربوا من مدينة يقال لها مطرون، جلسوا في ناحية منها يتشاورون: فقالوا لابن الأكار: انطلق فاكتسب لنا باجتهادك طعاماً ليومنا هذا. فانطلق ابن الأكار، وسأل عن عمل إذا عمله الإنسان يكتسب فيه طعام أربعة نفر فعرّفوه أنه ليس في تلك المدينة شيء أعز من الحطب، وكان الحطب منها على فرسخ.