فلما سمع ذلك النمر والجواس العادل وكان هذا الجواس عم الأسد، قالا: سمعاً وطاعةً لما أمر الملك. وخرجا من عنده؛ فعملا بمقتضى ما أمرهما به؛ حتى إذا مضى من اليوم الذي جلسوا فيه ثلاث ساعات، أمر القاضي أن يؤتى بدمنة؛ فأتي به، فأوقف بين يديه، والجماعة حضور. فلما استقربه المكان نادى سيد الجمع بأعلى صوته: أيها الجمع. إنكم قد علمتم أن سيد السباع لم يزل منذ قتل شتربة خائر النفس، كثير الهم والحزن، يرى أنه قد قتل شتربة بغير ذنب؛ وأنه أخذه بكذب دمنة ونميمته. وهذا القاضي قد أمر أن يجلس مجلس القضاء، ويبحث عن شأن دمنة. فمن علم منكم شيئاً في أمر دمنة من خيرٍ أو شرٍ، فليقل ذلك، وليتكلم به على رءوس الجمع والأشهاد، ليكون القضاء في أمره أولى، والعجلة من الهوى، ومتابعة الأصحاب على الباطل ذل.