فتقدمت أرنبٌ من الأرانب يقال لها فيروز. وكان الملك يعرفها بحسن الرأي والأدب، فقالت: إن رأى الملك أن يبعثني إلى الفيلة ويرسل معي أميناً، ليرى ويسمع ما أقول، ويرفعه إلى الملك، فقال لها الملك: أنت أمينة، ونرضى بقولك، فانطلقي إلى الفيلة، وبلغي عني ما تريدين. واعلمي أن الرسول برأيه وعقله، ولينه وفضله، يخبر عن عقل المرسل. فعليك باللين والرفق والحلم والتأني: فإن الرسول هو الذي يلين الصدور إذا رفق، ويخشن الصدور إذا خرق. ثم إن الأرنب انطلقت في ليلة قمراء، حتى انتهت إلى الفيلة، وكرهت أن تدنو منهن: مخافة أن يطأنها بأرجلهن، فيقتلنها، وإن كنّ غير متعمدات. ثم أشرفت على الجبل ونادت ملك الفيلة وقالت له: إن القمر أرسلني إليك، والرسول غير ملوم فيما يبلغ، وإن أغلظ في القول.