وقد قالت العلماء: لا تجزع من العذاب إذا وقفت منك على خطيئة؛ ولأن تعذب في الدنيا بجرمك، خيرٌ من أن تعذب في الآخرة بجهنم مع الإثم. قال كليلة: قد فهمت كلامك؛ ولكن ذنبك عظيمٌ، وعقاب الأسد شديدٌ أليمٌ. وكان بقربهما في السجن فهدٌ معتقلٌ يسمع كلامهما، ولا يريانه؛ فعرف معاتبة كليلة لدمنة على سوء فعله، وما كان منه؛ وأن دمنة مقرٌ بسوء عمله، وعظيم ذنبه؛ فحفظ المحاورة بينهما، وكتمها ليشهد بها إن سئل عنها. ثم إن كليلة انصرف إلى منزله، ودخلت أم الأسد حين أصبحت على الأسد؛ وقالت له: يا سيد الوحوش، حوشيت أن تنسى ما قلت بالأمس؛ وأنك أمرت به لوقته؛ وأرضيت به رب العباد. وقد قالت العلماء: لا ينبغي للإنسان أن يتوانى في الجد للتقوى؛ بل لا ينبغي أن يدافع عن ذنب الأثيم. فلما سمع الأسد كلام أمه، أمر أن يحضر النمر، وهو صاحب القضاء.