وقد يقال: الزم ذا العقل وذا الكرم، واسترسل إليهما، وإياك ومفارقتهما؛ واصحب الصاحب إذا كان عاقلاً كريماً أو عاقلاً غير كريمٍ: فالعاقل الكريم كاملٌ، والعاقل غير الكريم أصحبه، وإن كان غير محمود الخليقة، وأحذر من سوء أخلاقه وانتفع بعقله، والكريم غير العاقل، الزمه ولا تدع مواصلته، وإن كنت لا تحمد عقله، وانتفع بكرمه، وانفعه بعقلك؛ والقرار كل القرار من اللئيم الأحمق. وإني بالفرار منك لجديرٌ. وكيف يرجو إخوانك عندك كرماً ووداً وقد صنعت بملكك الذي أكرمك وشرفك ما صنعت؟ وإن مثلك مثل التاجر الذي قال: إن أرضاً تأكل جرذانها مائة منًّ حديداً، ليس بمستنكر على بزاتها أن تختطف الأفيال. قال دمنة: وكيف كان ذلك؟ قال كليلة: زعموا أنه كان بأرض كذا تاجرٌ، فأراد الخروج إلى بعض الوجوه لابتغاء الرزق؛ وكان عنده مائة من حديداً؛ فأودعها رجلاً من إخوانه، وذهب في وجهه.