قال كليلة: قد فهمت ما قلت؛ فراجع عقلك، واعلم أن لكل إنسانٍ منزلةً وقدراً. فإن كان في منزلته التي هو فيها متماسكاً، كان حقيقاً أن يقنع. وليس لنا من المنزلة ما يحط حالنا التي نحن عليها. قال دمنة: إن المنازل متنازعةٌ مشتركةٌ على قدر المروءة؛ فالمرء ترفعه مروءته من المنزلة الوضيعة إلى المنزلة الرفيعة؛ ومن لا مروءة له يحط نفسه من المنزلة الرفيعة إلى المنزلة الوضيعة. إن الارتفاع إلى المنزلة الشريفة شديدٌ، والانحطاط منه مهينٌ؛ كالحجر الثقيل: رفعه من الأرض إلى العاتق عسرٌ، ووضعه إلى الأرض هينٌ. فنحن أحق أن نروم ما فوقنا من المنازل، وأن نلتمس ذلك بمروءتنا. ثم كيف نقنع بها ونحن نستطيع التحول عنها؟ قال كليلة: فما الذي اجتمع عليه رأيك؟ قال دمنة: أريد أن أتعرض لأسد عند هذه الفرصة: فإن الأسد ضعيف الرأي. ولعلي على هذه الحال أدنو منه فأصيب عنده منزلةً ومكانةً.